lunedì 10 dicembre 2018

، صلى الشمري للمرة الأولى تحت تاثير الحشيش وتغير كل مسار حياته

لا يبدي الشاب، الذي أخبرني أنه التقى البغدادي في الرقة عام ٢٠١٥، أي إحساس بالندم، ويتهم من وصفها بـ"البطانة الفاسدة" بالتسبب بالكثير مما لحق بمشروع "دولة الخلافة"، ويستثني البغدادي من النقد، بل ويشيد به.
قبل أن ألتقي محمد ببضعة أيام، تجولت في الرقة، المدينة التي لطالما وصفت بأنها عاصمة "الدولة الإسلامية". مر عام على طرد التنظيم منها، باتت عبارة عن ركام مدينة، حالها كحال الكثير من المدن التي مر منها وأقام فيها مقاتلو البغدادي.
سألت الشمري: ماذا جلبتم على هذه الجغرافيا السنية غير الكارثة بمشروعكم وأفكاركم؟ لم يتردد الشاب باتهام التحالف بتدمير هذه المدن، قبل أن يضيف إن خذلان بعض مقاتلي الدولة وسكان هذه المناطق لنصرة مشروعهم هو ما أدى إلى ذلك، ورفض أي نقاش يتعلق بأن أساليب حكم التنظيم في التعامل مع السكان الذين وقعوا تحت حكمهم مجبرين غير مخيرين هي ما أدت لخذلانهم.
يرد بكل هدوء "إنها حرب ضد الأعداء"، وأن "حكم التنظيم للدولة كان خاضعاً بالكامل لأحكام الشريعة، كما في السعودية تماماً".
في أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، توصل مقاتلو تنظيم الدولة لاتفاق مع "قوات سوريا الديمقراطية" بموافقة أمريكية للانسحاب من الرقة، وإنقاذ حياة نحو خمسة آلاف مدني كانوا عالقين في آخر الأحياء التي يسيطر عليها التنظيم الذي كان يمنعهم من المغادرة. خرج المقاتلون وعائلاتهم من المدينة باتجاه بلدة هجين والقرى المحيطة بها، والتي لا تزال تدور فيها أعتى المعارك حتى اليوم للقضاء على ما تبقى منهم.
مشهد لم يسمح بتنفيذه في مدينة الموصل، إذ رفضت السلطات العراقية السماح لأي مقاتل من التنظيم بالانسحاب من المدينة، حيث كانوا يتخذون آلاف المدنيين كدروعٍ بشرية في البلدة القديمة، وهو ما تسبب بمقتل الآلاف منهم.
أخبرت الشمري أني كنت حاضراً وشاهداً على ما جرى في المدينتين، وسألته: أي بطولةٍ وشرف في اتخاذ المدنيين دروعاً بشرية؟ رد بسؤال لم أتوقعه: "طيب ليش ما راعوا وضعهم؟"، قاصدا التحالف بشكل رئيسي، والقوات العراقية في الموصل و"قوات سوريا الديمقراطية" في الرقة، قبل أن يضيف أن عدد المدنيين الذين قتلوا بسبب القصف أكبر بكثير ممكن قتلهم التنظيم، متجنباً الإجابة عن أي جانب أخلاقي يتحمله التنظيم الذي تسبب بمقتلهم، بداية حين سيطر على هذه المدن، ولاحقاً حين اتخذهم دروعاً بشريةخلافاً للكثير من الجهاديين السعوديين الذين عادوا لبلادهم ودخلوا برامج إعادة التأهيل، يرفض الشمري الفكرة برمتها، رغم أن بلاده لا تطالب باسترداده هو ومجموعة من السعوديين المعتقلين لدى "قوات سوريا الديمقراطية". ويتذرع بأن السعودية باتت "تقتل حتى معارضيها"، وبأنه يكفي "سب محمد بن سلمان حتى يقتلونك بالمنشار أو بالسيف" في إشارة منه لمقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في مدينة إسطنبول التركية.
ويقول الشاب إنه أرسل عدة رسائل لأهله في حائل عبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي زاره ممثلوها عدة مرات في السجن، لكنه يعتقد أنها لم تصلهم، وأنها احتجزت بعد وصولها للهلال الأحمر السعودي.
بدا واضحاً أن الأشهر التي قضاها الشمري في السجن لم تدفعه لإجراء أي مراجعات لتجربة حياته مع التنظيم. حين كنت أتحدث إليه كانت تتراءى لي صور عشرات الصحفيين والناشطين الذين ذبحهم التنظيم، ومئات الشيعة والسنة الذين أعدمهم جماعياً، وآلاف الأيزيديين الذين تم سبيهم وتهجيرهم. كلها أفعال تجد لها مبررات عنده.
محمد الشمري واحد من 900 أجنبي من تنظيم الدولة معتقلين لدى "قوات سوريا الديمقراطية"، بالإضافة لبضعة آلاف من المعتقلين السوريين. ومجرد التفكير بأنهم ما زالوا يؤمنون بذات الأفكار التي قادتهم إلى هذه المغامرة، يطرح مخاوف بالغة بشأن المستقبل.
فهناك الآلاف غيرهم في السجون العراقية، والسجون والسورية والتركية، والآلاف ممن مازالوا يقاتلون في مناطق سيطرة التنظيم في منطقة هجين وبعض الجيوب الحصينة في سوريا والعراق.
يبدو الحديث عن نهاية التنظيم مبكراً، فكيف بمحاربة ما ترتب على هذه التجربة من أفكار يتوقع أن تظل حاضرة في عقول من عايشها طويلاً؟ خاصة وأن الدول التي تعود إليها أصول غالبية هؤلاء المقاتلين ترفض حتى مجرد التفكير بمحاكمتهم على أراضيها، وجل ما تكترث به ألًا يستطيع أي منهم العودة وتهديد أمنها، وهو ربما ما يفسر الاهتمام الكبير بالمعلومات التي يعرفها الشمري عنهم.
وربما من المهم الإشارة إلى أن محمد نموذج للكثير من الشبان الذين انضموا للتنظيم دون أن يكون لديهم أي خلفية متشددة، بل أكثر من ذلك، عاشوا حياة يراها البعض مفرطة في دنيويتها على جميع الأصعدة.
حين سألته عن سبب انخراطه في هذه التجربة قال إن "سبب الهداية شخص معي يعني، كنا آتين من الاستراحة، راجعين من الاستراحة للمنزل قبل صلاة الفجر، شغّلنا المكيف نريد ننام، أخذنا غفوة قليلة ولّا هو يوقظني، يقولي قوم خلينا نصلي، فجاوبته كيف نصلي نحنا اصلاً عقلنا مو موجود يعني، فاقدين العقل".
سألته: هل كنتم تحت تأثير الكحول؟
فأجاب: حشيش حشيش.
استجاب محمد لإلحاح صديقه وصلى معه صلاته الأولى مطلع عام ٢٠١١ تحت تأثير الحشيش، وبعد عام ونصف سيبدأ رحلته للجهاد في سوريا، ليس فقط "لإقامة الدولة الإسلامية المنشودة"، بل "لإصلاح حال أهلها وردهم إلى الطريق الصواب"، كما يقول.

Nessun commento:

Posta un commento